فصل: البلاغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال صاحب التفسير الواضح:

ومن قبائح اليهود أنهم نبذوا كتاب اللّه واتبعوا ما تلته الشياطين من السحر والشعوذة في زمن ملك سليمان، وذلك أن الشياطين كانوا يسترقون السمع من السماء ويضمون إليه أكاذيب ثم يلقنونها الكهنة فيعلمونها الناس، ويقولون: إن هذا علم سليمان وما تم لسليمان ملك إلا بهذا.
فيرد اللّه عليهم هذه الدعوى: إن سليمان ما فعل شيئا من هذا، وما كفر باعتقاد السحر والعمل به، ولكن الشياطين هم الذين كفروا باتباع السحر وتديّنه.
هؤلاء اليهود يعلمون الناس السحر بقصد إغوائهم وإضلالهم، ويعلمونهم ما أنزل على الملكين ببابل، وهما هاروت وماروت: وهما بشران إلا أنهما كانا صالحين قانتين فأطلق الناس عليهما ملكين من باب الشبه، وفي قراءة ملكين على الشبه أيضا بالملوك في الخلق وسماع الكلمة.
ولكن هذين الملكين ما كان يعلمان أحدا من الناس حتى يقولا له: إنما هذا ابتلاء واختبار من اللّه فلا تتعلم السحر وتعمل به وتعتقد تأثيره، وإلا كنت كافرا، أما إذا تعلمته فلتعرف شيئا تجهله ولا تعمل به ما يضر فلا محذور في ذلك، فتعلم الناس من الملكين ما كانوا يعتقدون أنه يفرق بين المرء وزوجه، أو ما هو تمويه من حيلة أو نفث في العقد أو تأثير نفس وغير ذلك مما يحدث عنده التفريق غالبا.
والحقيقة أن السحر لا يؤثر بطبعه، وما هم بضارين به أحدا من الناس إلا بأمر اللّه وإرادته، فهذا كله إن صح فسبب ظاهرى فقط، وأما من تعلم السحر وعمل به فإنه تعلم ما يضره ولا ينفعه إذ به استحق غضب اللّه عليه لما ينشأ عنه من إفساد الناس وضررهم، وتاللّه لقد علم اليهود لمن ترك كتاب اللّه واستبدل به كتب السحر ما له في الآخرة إلا العذاب، وليس له نصيب من الثواب.
ولبئس ما اشتروا به عذابهم وألمهم لو كانوا يعلمون، نفى عنهم العلم لأنهم لم يعلموا به فكانوا أسوأ من الجهلة.
ولو أن اليهود آمنوا بالنبي صلّى اللّه عليه وسلّم والقرآن وتركوا كتب السحر والشعوذة وأخذوا الوقاية من عذاب اللّه بامتثال أوامره لاستحقوا الثواب من عند اللّه وهو خير وأعظم أجرا لو كانوا يعلمون ذلك.
ملاحظات:
1- السحر في اللغة: كل ما لطف مأخذه وخفى، ومنه قيل: عين ساحرة، وقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: «إن من البيان لسحرا».
2- السحر كما وصفه القرآن: تخييل يخدع الأعين فيريها ما ليس كائنا أنه كائن: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى} [سورة طه آية 66].
3- وهو إما حيلة وشعوذة أو صناعة علمية خفية يعرفها الناس، ممكن أن يكون منه تأثير الأرواح والتنويم المغناطيسى.
4- حكاية القرآن: {يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} ليس دليلا على أن السحر يفعل هذا وإنما هي حكاية لما كان مشهورا ومعروفا عندهم.
5- السحر لا يؤثر بطبعه وإنما هو سبب ما يحدث عنه من أضرار من قبيل ربط المسببات كما نصت الآية. اهـ.

.قال الدكتور وهبة الزحيلى:

{وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ}.

.الإعراب:

{اتَّبَعُوا} معطوف على قوله تعالى: {نَبَذَ فَرِيقٌ} و{تَتْلُوا} أي تتبع بمعنى: تلت، فأقام المستقبل مقام الماضي.
{يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} إما حال من ضمير {كَفَرُوا} أي كفروا معلمين، أو حال من الشياطين، أو بدل من {كَفَرُوا} لأن تعليم السحر كفر في المعنى، أو خبر ثان للكن.
{وَما أُنْزِلَ} ما: بمعنى الذي في موضع نصب بالعطف على السحر، أو في موضع نصب بالعطف على {ما تَتْلُوا} أو في موضع جر بالعطف على {مُلْكِ سُلَيْمانَ}.
فَيَتَعَلَّمُونَ إما معطوف على يُعَلِّمانِ أو معطوف على فعل مقدر، وتقديره: يأتون فيتعلمون، أو معطوف على {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ} أي يعلمونهم فيتعلمون، أو يكون مستأنفا، وهو الأوجه، والضمير لما دل عليه: من أحد.
{وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ} أي ما هم السحرة بضارين بالسحر أحدا، ومن: زائدة.
{وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} اللام في {لَمَنِ اشْتَراهُ} لام الابتداء، ومَنْ بمعنى الذي في موضع رفع، لأنه مبتدأ، وخبره {ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ} واشتراه: صلته، ومِنْ زائدة لتأكيد النفي، وخَلاقٍ مبتدأ، و{لَهُ فِي الْآخِرَةِ} خبره، والمبتدأ وخبره خبر المبتدأ الأول الذي هو {من} ولام {لَمَنِ} علّقت {عَلِمُوا} أن تعمل فيما بعدها. ويجوز أن تكون {من} شرطية.
{وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا} أن هاهنا مصدرية، والتقدير: ولو وقع إيمانهم، ولَوْ حرف يمتنع له الشيء لامتناع غيره، وجوابه {لَمَثُوبَةٌ} ومثوبة مبتدأ، وجاز الابتداء به مع كونه نكرة، لأنه تخصص بالصفة وهو {مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} فقرب من المعرفة، وخبره: {خَيْرٌ}.

.البلاغة:

{لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ} هذا جار على الأسلوب البلاغي: وهو أن العالم بالشيء إذا لم يجر على موجب علمه قد ينزّل منزلة الجاهل به.
وكذبوهم فيما رموا به سليمان من الكفر. وإنما قص القرآن علينا ذلك للذكرى، وليبين لنا ما افتراه أهل الأهواء على سليمان من أمر السحر، فكان شاغلا عن العمل بالدين وأحكامه لدى اليهود. وقد زعموا أن سليمان هو الذي جمع كتب السحر من الناس ودفنها تحت كرسيه، ثم استخرجها الناس وتناقلوها.

.التفسير والبيان:

نبذ اليهود كتاب اللّه، واتبع فريق من أحبارهم وعلمائهم الذين نبذوا التوراة، السحر والشعوذة في زمن ملك سليمان، لأن الشياطين كانوا يسترقون السمع من السماء، ويضمون إليه أكاذيب، ثم يلقنونها الكهنة، فيعلمونها الناس، ويقولون: إن هذا علم سليمان، وقام ملك سليمان بهذا. فرد اللّه عليهم بأن سليمان ما فعل ذلك، وما عمل سليمان بالسحر، ولكن الشياطين هم الذين كفروا باتباع السحر وتدوينه وتعليمه الناس على وجه الإضرار والإغواء، ونسبته إلى سليمان على وجه الكذب وجحد نبوته، ويعلمونهم ما أنزل على الملكين ببابل، وهما هاروت وماروت: وهما بشران صالحان قانتان، أطلق الناس عليهما ملكين من باب الشبه. وقرأ الحسن البصري: الملكين- بكسر اللام تشبيها بالملوك في الخلق وسماع الكلمة.
وكان هذان الملكان يعلمان الناس السحر الذي كثرت فنونه الغريبة في عصرهم، ليتمكنوا من التمييز بينه وبين المعجزة، ويعرفوا أن الذين يدّعون النبوة من السحرة كذبا إنما هم سحرة، لا أنبياء. وقد كان تعلمهما السحر بالإلهام دون معلم، وهو المقصود بالإنزال، والذي أنزل عليهما كان من جنس السحر، لا عينه.
ولكن هذين الملكين اتبعا في تعليم السحر سبيل الإنذار والتحذير، فلا يعلمان أحدا من الناس، حتى يقولا له: إنما نحن ابتلاء واختبار من اللّه عز وجل، فلا تعمل بالسحر ولا تعتقد تأثيره، وإلا كنت كافرا، أما إذا تعلمته لتعلمه فقط دون اعتقاد بحقيقته ولا تأثير له ولا عمل به، فلا ضرر، وكانا يقولان ذلك حفاظا على حسن اعتقاد الناس فيهما.
فتعلم الناس من الملكين ما يفرّق به بين المرء وزوجه، أو ما هو تمويه من حيلة أو نفث في العقد أو تأثير نفس وغير ذلك من وسائل التفريق غالبا.
والمعنى في عطف {وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ} على قوله: {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} أن اليهود اتخذوا السحر من الملكين لا على الوجه المراد من توقي الناس وتحذيرهم، وقد ألهما فنون السحر ليعلّما الناس حيل السحرة وخدعهم.
والسحر في الحقيقة لا يؤثر بطبعه ولا بقوة ذاتية فيه، فلا يحدث الضرر منه إلا بأمر اللّه وإرادته، فهو مجرد سبب ظاهري فقط، وإذا أصيب إنسان بضرر بعمل من أعمال السحرة، فإنما ذلك بإذن اللّه تعالى، وما السحر حينئذ إلا وسيلة أو سبب قد يرتبط المسبب أو النتيجة به، إذا شاء اللّه، فهو الذي يوجد المسببات حين حصول الأسباب، قال الحسن البصري: من شاء اللّه منعه، فلا يضره السحر، ومن شاء خلى بينه وبينه فضره.
ومن تعلم السحر وعمل به فإنه يتعلم ما يضره ولا ينفعه، لأنه كان سببا في إضرار الناس ولأنه قصد الشر، فيكرهه الناس لإيذائه، ويعاقبه اللّه في الآخرة لإضراره غيره، وإفساده المصالح، وكل عامل يجزى بما عمل.
وتاللّه لقد علم اليهود بأن من ترك كتاب اللّه وأهمل أصول الدين وأحكام الشريعة التي تسعد في الدارين، واستبدل به كتب السحر، ما له في الآخرة إلا العذاب الأليم، لأنه قد خالف حكم التوراة التي حظرت تعلم السحر، وجعلت عقوبة من اتبع الجن والشياطين والكهان كعقوبة عابد الأوثان.
ولبئس ما باعوا به أنفسهم باتخاذ السحر محل التوراة، فهم جهلة لا يعلمون حرمة السحر علم اعتقاد وامتثال، لأنهم لم يعملوا بالعلم الصحيح، وإنما اكتفوا بعلم مبهم لا أثر له في النفس.
ولو أنهم أي اليهود آمنوا الإيمان الحق بالتوراة، وفيها البشارة بنبي آخر الزمان، وآمنوا بمحمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وبالقرآن، وتركوا كتب السحر والشعوذة، واتقوا اللّه بالمحافظة على أوامره واجتناب نواهيه، لاستحقوا الثواب العظيم من عند اللّه، جزاء على أعمالهم الصالحة، وهو خير لهم لو كانوا يعلمون العلم الصحيح، ولكنهم في الواقع لم يكونوا على علم حقيقي وإنما على ظن وتقليد، إذ لو كانوا على علم، لظهرت نتائجه في أعمالهم، ولآمنوا بالنبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم واتبعوه وصاروا من المفلحين، ولما خالفوا كتاب اللّه، واتبعوا أهواءهم. فهم حين لم يعملوا بعلمهم الأصيل، جعلوا كأنهم غير عالمين.
فقه الحياة أو الأحكام:
السحر: أصله التمويه بالحيل والتخاييل، وهو أن يفعل الساحر أشياء ومعاني، فيخيل للمسحور أنها بخلاف ما هي به، كالذي يرى السراب من بعيد، فيخيل إليه أنه ماء، وكراكب السفينة السائرة بسرعة يخيل إليه أن ما يرى من الأشجار والجبال سائرة معه.
وجاء ذكر السحر في القرآن في مواضع كثيرة، ولاسيما في قصص موسى وفرعون، ووصفه بأنه خداع وتخييل للأعين حتى ترى ما ليس بكائن كائنا، كما قال تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى} [طه 20/ 66] وقال: {فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ} [الأعراف 7/ 116].
وروى مالك وأبو داود عن بريدة قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «إن من البيان لسحرا، وإن من العلم جهلا، وإن من الشعر حكما، وإن من القول عيالا».
أما قوله: «إن من البيان لسحرا».
فالرجل يكون عليه الحق، وهو ألحن بالحجج من صاحب الحق، فيسحر القوم ببيانه، فيذهب بالحق. وهذا مذموم. وهو المراد بالحديث في الأصح، أما السحر الحلال الذي أقره النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: فهو أن ينبئ شخص عن حق فيوضحه، ويجليه بحسن بيانه، بعد أن كان خفيا.
والسحر: إما حيلة بخفة يد، وشعوذة، وإما صناعة وعلم خفي يعرفه بعض الناس.
وهل للسحر حقيقة أم لا؟ اختلف الناس في ذلك.
فرأى جمهور العلماء: أن للسحر حقيقة، يخلق اللّه عنده ما شاء، وأنه تقتدر به النفوس البشرية على التأثير في عالم العناصر، إما بغير معين، أو بمعين من الأمور كالكواكب السماوية، ويرون أن النفوس الساحرة ثلاث مراتب:
الأولى- المؤثرة بالهمة فقط من غير آلة ولا معين.
والثانية- بمعين من مزاج الأفلاك أي طبيعتها، أو العناصر الماء والهواء والتراب والنار، أو خواص الأعداد، أي حساب الجمّل، فلكل حرف من الأحرف الهجائية رقم حسابي معين.
والثالثة- تأثير في القوى المتخيلة: بأن يعمد الشخص إلى القوة المتخيلة، فيلقي فيها أنواعا من الخيالات والصور، ثم ينزلها إلى الحس من الرائين، بقوة نفسه المؤثرة، فينظر الراءون كأن شيئا موجودا في الواقع، وليس هناك شيء من ذلك.
وتنال هذه المراتب بالرياضة، والتوجه إلى الأفلاك والكواكب والعوالم العلوية والشياطين بأنواع التعظيم والعبادة، فهي لذلك وجهة وسجود لغير اللّه، والوجهة لغير اللّه كفر، فلهذا كان السحر كفرا.
ويرى المعتزلة، وبعض أهل السنة: أن السحر لا حقيقة له، وإنما هو خداع وتمويه وتخيل. والسحر بهذا المعنى أنواع:
أ- كثير من التخيلات التي مظهرها على خلاف حقائقها، كما يفعل بعض المشعوذين، من أنه يريك أنه ذبح عصفورا، ثم يريكه وقد طار بعد ذبحه، لخفة حركته، إذ إن معه اثنين أحدهما المذبوح الذي خبأه، والآخر الذي أظهره.
وكان سحر سحرة فرعون من هذا النوع، فقد روى المؤرخون أن سحرة فرعون استعانوا بالزئبق على إظهار الحبال والعصي بصور الحيات والثعابين حتى خيل إلى الناس أنها تسعى، كما قال تعالى: {فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى} [طه 20/ 66] من طريق تحمية الزئبق بالنار الموضوعة في أسراب، وتمدده بفعل الحرارة.
ب- ما يدعونه من حديث الجن والشياطين بالمواطأة مع قوم أعدوهم لذلك، وإطاعتها بالرقى والعزائم. وهذا كان فعل الكهان من العرب في الجاهلية، كانوا يوكلون أناسا بالاطلاع على أسرار الناس، حتى إذا جاء أصحابها أخبروهم بها، فيعتقدون فيهم أن الشياطين تخبرهم بالمغيبات.
ج- السعي بالنميمة والوشاية والإفساد، من وجوه خفية لطيفة، يتم فيها تحريض الناس على بعضهم بعضا.
وقد وفق ابن خالدون بين الرأيين: فمن قال: إن للسحر حقيقة نظر إلى المرتبتين الأوليين، ومن قال بأنه لا حقيقة له، نظر إلى المرتبة الثالثة.
حكم السحر:
ليس تعلم السحر محظورا، وإنما الذي يحظر ويمنع هو العمل به، قيل لعمر بن الخطاب: فلان لا يعرف الشر، قال: أجدر أن يقع فيه. نقل ابن كثير عن أبي عبد اللّه الرازي المعتزلي أنه قال: اتفق المحققون على أن العلم بالسحر ليس بقبيح ولا محظور.
ومن السحر: ما يكون كفرا من فاعله، مثل ما يدّعون من تغيير صور الناس، وإخراجهم في هيئة بهيمة، وقطع مسافة شهر في ليلة، والطيران في الهواء، فكل من فعل هذا ليوهم الناس أنه محق، فذلك كفر منه، ويقتل هذا الساحر، لأنه كافر بالأنبياء، يدّعي مثل آياتهم ومعجزاتهم.
وأما من زعم أن السحر خدع ومخاريق وتمويهات وتخييلات، فلا يقتل الساحر، إلا أن يقتل بفعله أحدا، فيقتل به.
ولا ينكر أن يظهر على يد الساحر خرق العادات، مما ليس في مقدور البشر، من مرض وتفريق وزوال عقل، وتعويج عضو، إلى غير ذلك، مما قام الدليل على استحالة كونه من مقدورات العباد.
وأجمع المسلمون على أنه ليس في السحر ما يفعل اللّه عنده إنزال الجراد والقمّل والضفادع وفلق البحر وقلب العصا وإحياء الموتى وإنطاق العجماوات وأمثال ذلك من عظيم آيات الرسل المنزلة عليهم، فهذا ونحوه مما يجب القطع بأنه لا يكون ولا يفعله اللّه عند إرادة الساحر.